فيلم كريستفور نولان Interstellar إبداع يفوق فضاء الوصف

 

فيلم كريستفور نولان Interstellar إبداع يفوق فضاء الوصف

 

لمشاهدة الفلم مباشر اون لاين من هنا

 

تمرّ قرابة الساعة، وكريستفور نولان يبدو أنّه ليس مستعجلاً لرحلة الإبهار والسفر للغد وتلوين الشاشة بظلام الفضاء. أراد المخرج أن يبقي الكاميرا على سطح الأرض. نولان لديه ما يؤسسه على الأرض قبل أن تقلع الرحلة.

 

يأخذ الإبهار التقني في فيلم 2001: A Space Odyssey والهم الإنساني من فيلم Solaris

 

لتعلم أنّ الفيلم يحكي القصّة على أنّها في وقتٍ ما في المستقبل القريب. السنة غير محدّدة. وعلى سطح الأرض هناك أزمة، وما عادت الحياة سهلة. ففي ذلك الوقت، الأكسجين منخفض، ونسبة النتروجين في ارتفاع. ولا يهمّ البشر لا تقنية ولا هندسة وإنّما زراعة الذرة وحتى الزراعة ذاتها لن تدوم طويلاً. الحياة تبدو مخيفة، ونهايتها قريبة، والبشر خائفون وتائهون. لكن كوبر (ماثيو ماكونوفي) ربّما ما زال لديه أمل ما. هو ربّ أسرة صغيرة تتكون من ابنه الشاب (تيموثي شالمت) وابنته الصغيرة ميرف (ماكنزي فوي) وأبيه دونالد (جون ليثغو) تعيش في الوسط الأميركي الذي يزداد قحلاً. هنا في هذه الفترة من الفيلم يبني نولان أرضيته ليس للحكاية وحدها، بل للعلاقات الإنسانية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة.

 

يبني نولان أرضيته ليس للحكاية وحدها، بل للعلاقات الإنسانية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة

 

كوبر كان من أفضل الطيّارين لدى وكالة الفضاء الأميركية ناسا، والحالة الإنسانية المتجددة لا تقتصر فقط على انتقاله إلى الفضاء، بل تركّز عليها وتتوسع. كوبر الآن بمعية أميليا (آن هاثواي) العالمة الفضائية ابنة العالم المسن براند (مايكل كاين) الذي بعث بملاحيه هذين، وباثنين آخرين، إلى الفضاء البعيد لاكتشاف كوكب آخر يمكن أن يكون صالحا لحياة الإنسان على الأرض.

 

الرحلة خطرة وهي تحط على أكثر من كوكب وفوق كل كوكب شروط حياة مختلفة. في أول المحطّات حطّت المركبة على بحيرة هادئةٍ، وفجأةً إذ بأمواجٍ كالجبال الشاهقات قادمة إليهم. في المشهد، العاصفة تقتل أحد الملاّحين وينجح البقية في الفرار. لكن مخاطر الفضاء، والتي يعود إليها الفيلم في ساعته الأخيرة، ليست وحدها التي يعايشها كوبر: لقد مرت سنوات كونية على رحلته خلالها كبرت ابنته وأصبحت جسيكا شستين وكبر ابنه وأصبح سايسي أفلك، لكنه ما زال هو، وتبعًا لفوارق الحياة والزمان بين الأرض والفضاء صغيرًا كما بدأ، وبل إذا ما عاد إلى الأرض (وأنا لن أقول هنا إذا كان سيعود أم لا) سيكون شابًا وابنته عجوزًا.

 

سيكون شابًا وابنته عجوزًا

 

المخرج كريستوفر نولان يأخذ من فيلم المخرج ستانلي كوبريك الإبهار التقني في فيلم 2001: A Space Odyssey والهم الإنساني من فيلم أندريه تاركوفسكي في Solaris ويعالجهما مضاعفين. لا تعرف ما تتوقع على أي صعيد ولا يشتتك الفيلم بين المغامرة الخيالية العلمية وبين البوح الإنساني الرائع الذي يربط بين شخصيات الأرض وشخصيات الفضاء. يتوه قليلاً قبل ربع ساعة من نهايته، لكنه يعود إلى خطه المستقيم سريعًا من بعد، لكن توهانه ذاك ليس نتيجة ضعف أو ركاكة، بل مجرد مد خط إضافي كان يمكن تجاوزه كالمشهد الذي يرى فيه كوبر ابنته من وراء عالم مواز بخماسي أبعاد، وهذا ما ينقض تصريح نولان حين سؤل عن مدته والتي تبلغ 3 ساعات فأجاب بأنّ القصة لا يمكن معالجتها في أقل من هذا الوقت، والأكيد أنّه كان بالإمكان على الأقل اختصار نصف ساعة كاملة.

 

نولان أبدع في دمج العلوم الفيزيائية مع الخيال العلمي في معالجة درامية غير متفذلكة وغير مملّة. فلو خرجنا من الفيلم فقط بكميّة المعلومات العلمية بين الفضاء والأرض لكفى أن يكون فيلمًا يستحق المشاهدة.

  

العائلة أساسية بالنسبة لأبطال نولان. كل آلام بطله باتمان ناتجة عن فقدانه حنان الأب. في فيلم Inception بطله ليوناردو دي كابريو يتطلع للعودة إلى عائلته. هنا يريد ماثيو ماكونوفي العودة إلى ابنته التي تتهمه بأنه تخلى عنها وعن أهل الأرض عندما قبل بمهمة قد لا يعود منها. في الفضاء الخارجي، هناك ما يتبلور بينه وبين شريكته في الرحلة، لكنك لا تستطيع أن تقول إنها قصة حب ولو أنها قد تنتهي كذلك.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة