بين "تشيللو" و"24 قيراط": مروان خوري وآدم والكثير من اللامنطق

 

 

 

 

قبل انطلاقهما، حظي مسلسلا "24 قيراط" و"تشيللو" بدعاية ضخمة، جعلت متابعتهما قراراً اتخذه الكثير من المشاهدين سلفاً، قبل أن تُصيبهم صدمة أنّ الدعاية كانت أكبر من حجم المسلسلين.

 


فالمشاهد الموعود بقصص واقعية، صُدم بتركيبة أشبه ما تكون بتلك التي يقرأها في كتب الخيال، الذي لا تمت إلى الواقع بصلة، برغم أنه ليس مطلوباً من أيّ عمل درامي أن يكون تجسيداً للواقع بحرفيته، بل أن يكون في حدّه الأدني قابلاً للتصديق.

"تشيللو"


لا يراعي مسلسل "تشيللو" طريقة التعامل مع أبسط الأمور الحياتية. فالنص يبدو كأنه كُتب على عجل، وتصوير الشخصيات يبدو ركيكاً، خصوصاً شخصيتي الزوجين آدم وياسمين.

لم يتقبل الجمهور في العالم العربي، أن يسمح "آدم" (يوسف الخال) لزوجته "ياسمين" (نادين نسيب نجيم) أن تمضي 24 ساعة مع رجل أعمال ثري مقابل مبلغ نصف مليون دولار، في موقف غريب من نوعه، يُظهر بوضوح نذالة الزوج الذي يبيع زوجته. والندم الذي يعيشه بعد هذه الواقعة لا يدلّ بتاتاً على يقظة حسّ الرجولة لديه كما كان من المتوقع أن يكون، بل يدل على سذاجته وبساطة عقله كما صوّره المسلسل.

ومن بين المشاهد الصادمة في مسلسل "تشيللو" ما عُرض في الحلقة الحادية عشرة، وهو لحظة طلب "آدم" من "ياسمين" أن تعترف له بما حصل بالتفصيل بينها وبين "تيمور" خلال الـ24 ساعة، ما يزعج "ياسمين" ويجرحها كثيراً، باعتبار أنّ زوجها يشكّ بصدقها ويجول في باله أنها خانته. وأثناء المشاجرة بينهما، يرنّ هاتف "ياسمين"، ويكون المتّصل هو صديقها الذي يطلب منها أن تقابله على الفور، لأنه يواجه مشكلة عاطفيّة مع حبيبته، فتترك "ياسمين" المنزل وتذهب إلى أحد المطاعم لتهدئة صديقها.

فأيّ زوج في العالم العربي يسمح لزوجته أن تقابل صديقها بمفردها في أحد المطاعم؟ وإذا كان الزوج ذا عقلية منفتحة، ولا يُمانع هذه اللقاءات، فهل يقبل أن تتركه وهما يتشاجران لتواسي صديقها؟ وأيّ زوجة متهمة بالخيانة ومشكوك بوفائها هي التي تكون قادرة نفسياً على حلّ مشكلات الآخرين؟

"24 قيرط"


في مسلسل "24 قيراط" مساحة اللامنطق ليست أقلّ بكثير من سواه. فإلى جانب تجسيد شخصيّة فاقد الذاكرة بطريقة غير مفهومة، إذ نرى "آدم" (عابد فهد) الرجل الغني الذي فقد ذاكرته بعد أن تعرّض للضرب يتصرف كالأطفال أحياناً، لتنقلب تصرفاته إلى سلوك همجي أحياناً أخرى، ثم ليتحول فجأة إلى رجل عاشق. وبالتوازي مع هذا التّحول، نرى "ميرا" (سيرين عبد النور) تلعب تارةً دور الأم الحنون، وطوراً دور العاشقة الولهانة.

ويبلغ اللامنطق ذروته حين نرى أنّ "ميرا" وصديقتها المعالجة النفسية (تقلا شمعون) تتنافسان على هذا الرجل الفاقد للذاكرة، ما يطرح سؤالاً على قدر من الأهمية:

ما المبرر لأن تقع فتاة بعمر وجمال "ميرا" في حبّ "آدم" الرجل الخمسينيّ الفاقد للذاكرة، وغير المعروف الهويّة، والذي يعيش على نفقتها وفي منزلها؟ فهل الهدف هو جمع عابد فهد وسيرين عبد النور في مسلسل واحد حتى لو على حساب مصداقيّة العمل؟

من الواضح أنّ منتج مسلسل "24 قيراط" لم يدرك أنه ليس بالضرورة، إذا نجح ثنائيّ في مسلسل ما أن ينجح أيضاً في مسلسل أخر. لكنه قد يكون راهن على أن المشاهد سيغضّ النظر عن "الكاستينغ" بعد أن يرى نجومه المفضّلين معاً مرة أخرى. وإذا كان الهدف هو جمع بين سيرين وعابد فلماذا لا يتمّ تفصيل مسلسلات تناسبهما معاً؟.

القواسم المشتركة بين العملين:


ثمة قواسم مشتركة بين هذين المسلسلين في المضمون والشكل، أهمها بُعد تفاصيلهما عن الواقع المعاش، والملل الذي يشعر به المشاهد أثناء متابعتهما بسبب التطويل غير المبرّر، إلا لضرورات بلوغ الحلقات عدد الـ30. أمّا على مستوى الشكل، فالمسلسلان من بطولة ثلاثية، لبنانية وسورية. ولم يكن اسم "آدم" هو فقط ما جمع بين بطلي المسلسلين، بل تصرّفاتهما الغريبة وغير المبرّرة التي كانت كفيلة بوضع الكثير من علامات الاستفهام عليهما وعلى العملين على حدّ سواء.

ولعلّ أجمل ما جمع بين المسلسلين هو تترات النهاية والبداية التي أتت من تأليف وألحان الفنان الشامل مروان خوري.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة