كيف تقضي عائلة "#الشهيد_الوزير" زياد أبو عين رمضان ؟ ما هي أمنية الشهيد ؟

 

 

مضت الدقائق والساعات والأيام لتقضي ستة أشهر على استشهاده ، بعد أن كان بينهم في رمضانٍ سابق أصبح الآن تحت الثرى لتُروى طقوسه الرمضانية وحياته الاجتماعية على لسان زوجته التي لا زالت متأمله عودته رغم حقيقة استشهاده..

 

الشهيد زياد أبو عين الشخصية السياسية العنيدة والذي وقف في وجه المحتل وأبى أن يتراجع عن حقه فكانت النتيجة أن دفع دمائه الطاهرة ثمنا لوطنيته ،، تروي لنا زوجته " أم طارق" ذكريات غصة في القلب، إنها ذكريات يومه الرمضاني في حياته قبل أن يستشهد ...

 

زوجة الشهيد زياد أبو عين تتحدث عن شهر رمضان وطقوسه في حياة زوجها "أبو طارق " قبل استشهاده فتقول: " وجوده خاصة في رمضان كان له أثر واضح حيث كان يبدأ يومه الرمضاني بالسحور الذي كنا نحضره سويا جميعنا ويشارك معنا حيث كان يحب جمعة الأولاد، بعد ذلك يصلي الفجر ويخلد إلى النوم ويستيقظ باكرا ليذهب إلى عمله ويعود بحدود الساعة الثانية والنصف ظهرا وحينها يكون قد ذهب إلى السوق وأحضر معه القطايف والتمر عصير عرق السوس وتلك من عاداته الرمضانية، وبعد ذلك يتمدد قليلا ويتابع الأخبار جميعها وكان رمضان الماضي شديد عليه كثيرا نظرا لحرب غزة ، حيث استشهد ابن عمتي وكان يحمل معزة له بقلبه وفي جنازته قال لإخوته انتم الآن قدمتم شهيدان والدور القادم علينا وبالفعل بعد ستة شهور استشهد أبو طارق، وتتابع: " ثم يأتي موعد الإفطار وقبله بساعة كان يقف معي بالمطبخ يساعدني في حشو القطايف وإعداد الطعام وتجهيز السفرة وعمل السلطة كان يقترح ماذا سوف نأكل ومن سوف يدعو باليوم التالي على مائدة الإفطار أذكر رمضان الماضي فطرنا ثلاث أيام فقط لوحدنا وباقي الشهر كان يدعو كل يوم عائلة من أقاربنا لأنه كان يحب جمعات رمضان كثيرا، وبعد أن نفطر سويا يرتاح قليلا ويتابع أي شئ على التلفاز وبجانبه فنجانه القهوة وطبق من القطايف"، متممة بصوت مختنق : " عاداته لم ولن أنساها ما حييت فهو يسكن بكل زاوية بالبيت".

 

وتابعت أم طارق بعد برهة من ذهابها مع شريط ذكريات لحياة زوجها : " بعد ذلك كان أحيانا يذهب لصلاة التراويح بالمسجد وأحيانا كثيرة يصليها بالبيت مع الأولاد، وليلا كان إما يجتمع مع أصدقائه في مقهى حيفا برام الله ويعود إلى المنزل بعدها تقريبا على موعد السحور أو نذهب لزيارات صلة الأرحام"، مبينه أن يومه كان مفصلا بعادات ثابتة لا تتغير.

 

ومضت ستة شهور على استشهاد زياد أبو عين وجاء شهر رمضان ليحمل في أيامه ذات الطقوس ولكن للأسف ليس لنفس الشخص، وتتابع "أم طارق" حديثها لتصف لنا شهر رمضان في غياب زوجها وتقول: " رمضان هذا العام شهر عادي جدا أيامه باردة كما الأيام العادية مر مرور الكرام ما يختلف أننا نصوم ، لقد رحل أبو طارق وأخذ معه كل شئ جميل وترك ذلك الفراغ الكبير وتلك الطقوس، أول يوم برمضان كنت قد قررت أن نفطر عنده أنا وأولاده وبالفعل ذهبنا إلى قبره وبحوزتنا الماء والتمر واللبن وأفطرنا وقرأنا على روحه القرآن"، منوهه إلى أن وجوده كان يعمل حيوية كبيرة في البيت .

 

وعن أكلته المفضلة تقول: " كنا نحب أول يوم برمضان أن أطهو المحشي وورق العنب كان يحبه كثيرا ومشروبه المفضل السوس، ولكن كانت نفسه طيبة يحب كل الطعام ولا يرفض شيئا "، وتضيف عن محبته لكرة القدم فتقول : " كان يحبها كثيرا ويتابع الأولمبيات بشغف ،ويشجع فريق برشلونة".

 

وتتكون أسرة زياد أبو عين من ثلاثة شباب وبنت وحيدة، تقول: "ابني الكبير طارق 25 عاما ويعمل الآن بتلفزيون عودة ومن ثم ابني معتز 24 عاما ويعمل بهيئة التأمين والمعاشات ومن ثم احمد 21 عاما ويدرس القانون حاليا ،وبعدها ابنتي محار 18عاما تضيف: " كان أبو طارق يشد كثيرا على محار بالتعليم ويدللها بنفس الوقت وتلك أول سنة يوصيني عليها كثيرا، كانت ترغب محار بأن تحصل على معدل عالي بالثانوية العامة وتدرس القانون كما كان يرغب والدها ولكن بسبب استشهاده وعدم انقطاع الضيوف من البيت أثر ذلك على دراستها ولم تأخذ فرصتها بالدراسة وحصلت على مجموع لا يدخلها كلية القانون".

 

وتابعت: " لم تفرح محار بالمطلق من نتيجتها وبكت كثيرا وعلمت بسر بكائها فقمت باصطحابها إلى قبر والدها في المساء جلست بجواره وقرأت له القرآن مما كان عامل لتهدئة نفسيتها، وبعد ذلك ذهبنا الى البيت وبعد تفكير سجلت بجامعة بيرزيت وكانت تميل للحقوق أو الإعلام وقبلت بالجامعة بكلية الآداب ، حيث اقترحت عليها أن تدرس أول فصل بالجامعة آداب ومن ثم تحول إلى كلية الحقوق في الفصل الثاني ".

 

وتروي لنا أم طارق تفاصيل استشهاد زوجها فتقول: " كان أبو طارق مخطط لمثل ذلك اليوم حيث جلب قرار بزرع مليون شجرة زيتون في الأراضي المهددة بالمصادرة ، كان يقول لي أن إسرائيل تقوم بمصادرة كل الأراضي كل سنه وذلك لأن الأراضي التي لا تزرع لمدة ثلاث سنوات يتم أخذها ، ووقتها قام بوضع إستراتيجية لزراعة الأراضي وبدأ ببيت لحم وسلفيت وعدة مناطق أخرى وأخر منطقة كانت الترمسعية ويوم حادثة استشهاده أخذ معه 600شجرة لكي يزرعها وكان الجنود الاسرائيلين ينتظرونه هذا ما علمته بعد ذلك لأن شباب الهيئة اتصلوا به وقالوا له أن يعود ولكنه رفض وصمم على أن تتم تلك الفعالية وتزرع الأرض ، أذكر أنه كان سعيدا جدا وهو من نسق للإعلام لكي يأتي ويوثقوا الحدث ولم ينتظر دائرة الإعلام عنده بالوزارة لكي تقوم بالتنسيق بل فعل ذلك بنفسه كان يقول للإعلام توثيقكم لهذا الحدث لن تنسوه حتى ولو بعد 100عام"، متممة بنبرة أسى: " قلت له هل قررت أن تحرر فلسطين لوحدك وكان رده لو يعطوني عام واحد سأحرر بها فلسطين كلها".

 

وتتابع شريط ذكريتها: " وبالفعل كان الاحتلال ينتظره أخبرني المرافق أنه عندما وصل اقتربوا منه وسألوه عن اسمه وفورا ألقى قنابل الغاز عند قدميه ومن ثم احد الجنود ضربه بالخوذة على صدره والأخر بالبندقية على رأسه ومن ثم على أسنانه وبالنهاية قام الجندي الأخير بخنقه من رقبته، وكانت تلك هي الضربة القاضية، حيث استشهد بالموقع ، على الرغم من أن مرافقه كلمني وقال لي أن لا اقلق وأن سكره فقط نزل قليلا وهو الآن بالمشفى بعد برهة من الوقت عاود الاتصال بي وطلب مني إحضار الأولاد والحضور إلى مشفى رام الله"،وأضافت بعيون دامعة: "حتى اللحظة لم أستوعب خبر استشهاده ودائما أتوقعه ممكن أن يأتي بأي لحظة حتى بعد مضي 6 شهور ".

 

وكان زياد أبو عين أسير محرر خرج بعد عشر سنوات من اعتقاله بسبب عملية طبرية التي قتل فيها ثلاث اسرائيلين وجرح 36 شخص وخرج بعدها بصفقة أحمد جبريل سنة 1983 .

 

وأصبح وكيل وزارة الأسرى بعد خروجه من الأسر من 2003 حتى 2014 ، وبعدها عمل في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان لمدة 80 يوما حتى موعد استشهاده برتبة وزير .

 

وعن مواقفه المحزنة والمفرحة كما تذكر تقول أم طارق: " أكثر موقف آلمه عندما توفيت والدته حيث حزن كثيرا ، وعند وفاة أبو عمار أيضا بكى بحرقة لم أره من قبل كما رأيته بوفاة ياسر عرفات ،وكان يفرح كثيرا بزواج إخوته وبنات وأولاد أخوه ، فأفراح العائلة كانت تبسطه جدا ، أيضا أي انجاز سياسي كان يفرح كثيرا من أجله ".

 

وكونه سياسي كثير الانشغال كان لذلك تأثير كبير على حياته الاجتماعية حيث كان من الصعب على أم طارق أن تحدد أي موعد زيارة مع أي شخص لأنه وقته لم يكن ملكه بأي لحظة يتم الاتصال به ويخرج ، وتضيف: "كنا نتذمر من ذلك قليلا أنا وأولادي لأن الوضع الاجتماعي غير مستقر ولكن في حال وجد الوقت كان يكرسه لبيته وأولاده، أذكر أنه كان يأخذ الأولاد رحلات ويشاهدون المناطق في فلسطين يحب ذلك كثيرا" لافته إلى أنه كان يسعى دائما لزرع خارطة فلسطين في عقولهم وقلوبهم.

 

وعن هوايته المفضلة تبسمت قائلة: "هي السياسة شغله الشاغل فقط لا يحب سوى القراءة ومتابعة الأحداث السياسية "، وعن مسلسلا رمضان :" أذكر أنه في رمضان الماضي كان يتابع مسلسل لعادل إمام العراف فقط ومن ثم يتابع القنوات الإخبارية من قناة إلى قناة ".

 

وختمت أم طارق حديثها بنقل وتذكر أمنية زوجها الشهيد فتقول: "كان يتمنى دائما أن يعيش الشعب الفلسطيني بحرية كاملة وكان يتمنى أن لا يعيشوا أولاده تلك الحياة بدون حرية لأنني سألته ذلك السؤال هل تتمنى أن يعيشوا أولادك ذات الحياة فكان رده لي بـ لا"، كما كان يتمنى أن يكملو أولاده الدارسات العليا وأن يستثمروا وقتهم بالتعليم من أجل فلسطين .



loader
 
قـلوبنا معك غـزة