بعد مئات السنين من البحث.. وأخيراً عثر الإنسان على ماء في المريخ وحل أكبر الألغاز

 

 

استغرق الإنسان مئات السنين ليحصل على جواب جاء من "ناسا" الفضائية الأميركية، بحلها لما قالت إنه "لغز المريخ الأكبر" في مؤتمر صحافي عقدته اليوم الاثنين في مقرها بواشنطن، وهو أن الماء "موجود في المريخ" على حد ما ألمحت إليه "العربية.نت" في موضوع لها أمس عن المؤتمر الصحافي الموعود.

عرضت الوكالة في مؤتمرها الذي حضره 5 علماء مختصين بشؤون علمية متنوعة، نتائج دراسة تثبت وجود "سائل الحياة" تحت السطح المتجمد من الكوكب الأحمر، وفي مناطق كانت هي "لغزه الأكبر" دائماً، ففيها كانت تنتشر بقع على شكل خيوط متعرجة ومتكررة، لاحظها العلماء منذ 2010 من آثار داكنة تتركها في الأشهر الدافئة بعرض 5 وطول 100 متر، وتشير إلى أن الكوكب "عرف قبل 3 ملايين عام بيئة حياة لا تختلف عما على الأرض، أي محيطات مياه مالحة وبحيرات ووديان "إلا أن شيئاً ما حدث" تغيّر معه كل شيء على المريخ الذي تحول إلى ما يشبه حبة رمل عملاقة في الفضاء.

وسيكون لما أكدته "ناسا" تداعيات كبيرة في دراسة المريخ، لأن وجود الماء قد يعني وجود حياة ميكروبية من نوع ما تبرعمت تحت سطحه، أي كائنات حية تتنفس وتتحرك خارج الأرض، وسط سكون الكون العملاق، وإن إثبات وجود بحيرات وأنهار فرعية تحت أرضية فيه، قد يساعد على تحقيق حلم الإنسان بالسكن فيه، لأن الماء سيمده بالأكسجين ويمكنه من الفلاحة والزرع، كما سيشكل مصدراً غنياً لدراسة الكوكب الذي طالما ظهرت فيه ندوب طبوغرافية تحمل بصمات تدفق الماء، لكنها كانت تحتاج لدليل دائماً، إلى أن حصلت عليه "ناسا" وأكدته في مؤتمرها اليوم.

خطوط متعرجة متكررة تشبه أسنان المشط
وفي معرض تأكيد علماء الوكالة بأن الكوكب عرف نوعاً من الحياة تبرعم في ماضيه البعيد، إلا أنهم لم يجزموا باستمراريته للآن، إلى أن يتم ذلك بإرسال رواد، أو تحليل عيّنات منه يحملها إلى الأرض "روبوت فضائي" سيتم إرساله بعد 5 أعوام، طبقاً لما أعلنوه في المؤتمر الذي تحدث فيه الباحثان ألفريد ماكوين، من جامعة أريزونا في توكسون، وأوجها لوجيندرا، من معهد جورجيا للتكنولوجيا في مدينة أتلنتا.

والعالمان هما من الرواد بدراسة المياه السائلة على السطح المريخي، ولهما أبحاث مشتركة عن تضاريسه، يسمونها RSL اختصاراً، وهي خيوط المنحدرات المتعرجة والمتكررة، والتي تظهر في الأشهر الدافئة بالمريخ، وناتجة عن تدفق لمياه مالحة وسائلة، لا تتبخر في غلافه الجوي الرقيق، بل تتسرب لتستقر في جوف الكوكب، لذلك يعتقدون بوجود محيط عملاق من الماء هناك، أو ربما بحيرات وبؤر مائية ومكامن.

ومنذ السبت الماضي أجمعت مواقع علمية متخصصة، ومثلها التابعة لوسائل إعلام أميركية وأوروبية، على ما علمته من مهتمين بالشأن المريخي، بحسب ما طالعته "العربية.نت" فيها، وهو أن "الكشف العلمي المهم" حققته عربة Curiosity المتجولة منذ منتصف 2012 كروبوت على سطح الكوكب الأحمر، يتحكم به مركز على الأرض تابع للوكالة، وما زالت متجولة للآن هناك.

ويطلقون على ظاهرة الخطوط المتعرجة المتكررة اسم Recurring slope lineae وهي تبدو في الصور كأسنان المشط، وأحياناً كحلقات مظلمة على الأديم المريخي في الأشهر الدافئة بشكل خاص، وهي الدليل الأكبر على وجود الماء، المبشر الوحيد بتبرعم الحياة في الكوكب حالياً، أو حتى في ماضيه السحيق قبل ملايين، أو ربما مليارات السنين.

"أين أعيش لو كنت ميكروبا على المريخ؟"
وأجمعت معظم الوكالات على معلومات بثتها نقلاً عما صدر عن مؤتمر "ناسا" الصحافي، كما من أسئلة طرحها صحافيون قاموا بتغطيته، وتلخصها "العربية.نت" بأن بيانات بثها قمر اصطناعي يدور حول المريخ منذ 9 أعوام أشارت إلى وجود مياه مالحة تنساب خلال شهور الصيف على سطحه، وتزيد من احتمال أن يكون الكوكب محتوياً على نوع من الحياة، بعد أن ساد اعتقاد على مدى أعوام طويلة بأنه قاحل.

ومع أن مصدر المياه وتركيبتها الكيميائية غير معروفة، فإن اكتشافها سيغير تفكير العلماء بشأن ما إذا كان الكوكب الأكثر شبهاً بالأرض في المجموعة الشمسية فيه حياة لكائنات دقيقة تحت قشرته التي تعج بالإشعاعات، لذلك اعتبر جون غرانسفيلد، الإداري المعاون في "ناسا" للصحافيين معلقاً على دراسة نشرتها الاثنين مجلة "نيتشر جيوساينس" "الأميركية: "هذا يفيد بأنه من الممكن أن تكون هناك حياة على المريخ اليوم"، مضيفاً أنه لو كان ميكروباً في المريخ "فلن أعيش بالقرب من واحد من هذه المواقع، بل إلى الشمال أو الجنوب في عمق بعيد عن السطح حيث مزيد من الأنهار الجليدية المكونة من مياه عذبة. ولدينا بعض الدلائل العلمية على وجود تلك الأماكن"، كما قال.

وجاء اكتشاف تدفق المياه عندما طور العلماء تقنية جديدة لتحليل خرائط كيميائية لسطح الكوكب حصل عليها القمر الاصطناعي "مارس ريكونيسانس أوربيتر" الراصد المريخ من ارتفاع معدله 300 كيلومتر، والمزود منذ أطلقته "ناسا" في 2006 بنظام تصوير عالي الدقة، معروف باسم HiRISE ويقوم بمسح ودرس كل صغيرة وكبيرة على كوكب واعد بمفاجآت علمية متنوعة، وبتلك التقنية توصلوا إلى مؤشرات على آثار أملاح تتشكل فقط في وجود المياه بقنوات ضيقة منحوتة في جروف قارية عالية في أنحاء المنطقة الاستوائية الخاصة بالمريخ.

 

 

 



loader
 
قـلوبنا معك غـزة