حواجز الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين اليومية في التنقل

 

 

على غير العادة ينهض الشاب احمد سلامة من غرب الخليل، مع ساعات الفجر الاولى للتوجه الى مكان عمله في مدينة رام الله، فسائق "التاكسي" حضر قبل ظهور خيوط الشمس، بعد أن اضحت طريق الوصول أكثر بُعداً وخطورة .

 

يروي الموظف سلامة ( 29 عاما) الذي كان في الطريق الى مكان عمله في شركة خاصة يوم الاحد الماضي، بعد قضاء اجازة مع العائلة، معاناته في السفر من الخليل الى رام الله ويقول: "بعد ان انطلقنا بالمركبة ما لبث السائق ان توقف على حاجز عسكري لجيش الاحتلال مقام عند مدخل مدينة الخليل الغربي (جسر بيت كاحل). هناك أمعن الجندي النظر بالركاب السبعة، وطلب هوية احدهم وتوجه بها الى المدرعة التي كانت تقف وسط الشارع، وبعد دقائق عاد بالهوية وأمر السائق بالعودة الى المدينة ومنعه من مواصلة طريقه".

 

ويشير الى ان السائق بدأ باجراء اتصالات على زملائه بحثا عن منفذ يمكنه من الوصول الى رام الله فجاءه الرد ان هناك منفذا وحيدا في منطقة الحواور على مدخل مدينة حلحول، فما كان منه الى ان انطلق الى تلك النقطة ليجد طابورا طويلا من السيارات يسير ببطء شديد على المدخل الذي يقف عليه عدد من جنود الاحتلال ويدققون في كل شيء قبل الوصولا الى شارع 60 الذي يربط الخليل مع المدن الاخرى.

 

ويقول سلامة، الذي يبدأ دوامه الساعة الثامنة صباحا بان حالة من التوتر بدأت تتسلل للركاب مع تقدم الوقت موضحا انه وبعد نحو 50 دقيقة من الانتظار وصلت المركبة الى ثلاثة جنود يقفون على الحاجز حيث طلب أحدهم جمع بطاقات الركاب وبعد ان تسلمها قلبها ودون ان يلتفت الى شيء فيها بدأ بطرح بعض الاسئلة: من اين انتم؟ والى اين ستذهبون؟ وأمرنا بالانصراف ولكن بعد ان انقضت ساعة كاملة قبل ان نغادر حدود المدينة (الخليل).

 

ويكمل الشاب سلامة قصته، ويقول :"انطلق السائق يسابق الوقت، وبعد بضع كيلو مترات وجد نفسه في طابور جديد عند مفترق مجمع عتصيون الاستيطاني حيث دخلنا في محطة انتظار اخرى اكثر رعبا، وهنا بدأ السائق برواية ما كان شاهده في هذا المكان الذي استشهد فيه عشرة شبان خلال الاحداث الجارية، كان شاهدا على حادثتين منها كما قال.

 

وينقل الشاب عن السائق مشاهداته الصادمة عن قتل الجنود شابا كان ينتظر بالقرب من المحطة، حيث "بدأ احد الجنود باطلاق الرصاص عليه بدون سبب وحضر جندي اخر واكمل اطلاق الرصاص عليه"، وكذلك حادث انحراف مركبة عن مسارها ومسارعة الجنود لاطلاق الرصاص على سائقها ما ادى لاستشهاده.

 

وحين وصل السائق نقطة التفتيش تكررت مجددا مطالب واسئلة الجنود، ولكن وما ان اجتازت المركبة هذا الحاجز حتى بلغت طابورا جديدا من المركبات المصطفة على حاجز آخر مقام عند مدخل بلدة العبيدية شرق بيت لحم، وبعد نحو 20 دقيقة من الانتظار والتوتر وصلت المركبة الجنود ليعاودوا فحصها وتكرار ذات الاسئلة على الركاب قبل ان يسمحوا لهم بمواصلة طريقهم، حيث كانت الساعة تجاوزت السابعة صباحا ولم يجتازوا بعد نصف المسافة الى رام الله ما جعل السائق يقود بجنون في طريق وادي النار الجبلية الخطرة المجنونة حتى وصل حاجز "الكونتينر" الذي يفصل جنوب الضفة عن وسطها، وهناك امر الجندي السائق بالتوقف بجوار الحاجز، وتوجه الجندي الى المركبة وطلب من جميع الركاب النزول منها وبدأ بتفتيش وقلب المقاعد وحقائب المسافرين على امتداد نحو 30 دقيقة اخرى.

 

واشار سلامة الى ان السائق اكمل بعد ذلك طريقه الى المدينة التي لا يحتاج الوصول اليها في اقصى تقدير لاكثر من ساعتين في الظروف الطبيعية، ولكن رحلتهم في ذلك الصباح استغرقت 4 ساعات حتى وصلوا الى حاجز اخر (هو الخامس) مقام عند منطقة جبع شمال القدس، ولحسن حظهم هذه المرة فان المرور كان اسرع من الحواجز السابقة، لكن سلامة امضى اكثر من أربع ساعات ونصف في طريقه الى عمله ووصله متاخرا ساعة ونصف.

 

ويقول السائق خالد محمد من مدينة الخليل، الذي يعمل على الخطوط الخارجية بين المدن، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، "الطريق منذ ثلاثة اسابيع تزداد سوءا، وتحولت الى كابوس يعيد الى الاذهان الانتفاضة الثانية حين قطعت اسرائيل اواصل الضفة، واغلقت الطرق".

 

في قصة الموظف سلامة من مدينة الخليل، كابوس مماثل يعيشه الموظف محمد دويكات من مدينة نابلس الذي يعمل موظفا حكوميا في رام الله، كابوس يعيشه على حاجزي حوارة وزعترة مع شروق وغروب شمس كل يوم اثناء رحلته من والى رام الله حيث يعمل.

 

ويشير ديوكات الذي يتنقل يوميا بين المدينتين ان "الطريق اصبحت مرعبة وفي كل متر اصبحنا معرضين للموت على يد الجنود المتاهبين للقتل والمستوطنيين المنتشرين على حواف الطرق التي تحيط بها المستوطنات، ولا يمكن لنا التنبؤ متى نصل، فالامر مرتبط بشدة الاجراءات والتنكيل من قبل الاحتلال".

 

التنقل في الضفة الغربية اصبح مرهونا بقرار الجنود، ومزاجهم، واضحى الوصول الى العمل محفوف بالاخطار التي تحدق بالمسافرين.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة