تعرّف على أول مسلسل تابعه العرب

 

 

في يوم 26 يناير/كانون الثاني 2016، احتفل العالم بالذكرى الـ 90 لأول بثّ تلفزيوني في التاريخ والذي جاء في نفس اليوم من العام 1926.

وكان أول ظهور على الشاشة الفضية لسيدة تدعى ديزي غاندي، وهي شريكة العمل لصاحب الاختراع العالم الاسكتلندي جون لوغي بيرد الذي صمّم هذا الجهاز وأخرجه للعالم بعد سنوات من العمل الشاق.

أما بالنسبة للعرب، فإن دخول التلفزيون حياتهم لأول مرة يرجع إلى العراق، الذي أطلق أول قناة تلفزيونية في الشرق الأوسط، حيث بدأ البث من العاصمة بغداد في 2 مايو/أيار من العام 1956.

وجاء قرار إنشاء القناة بعد أن زار الملك الشاب فيصل الثاني - الذي كان يحكم العراق آنذاك -، معرضاً للتكنولوجيا أقيم في بغداد، شاركت به شركة مسوّقة لجهاز التلفزيون، فأصدر الأوامر بالعمل على تأسيس التلفزيون العراقي.

أما مصر فلحقت بالعراق بعد 4 سنوات، إذ جاء أول بث تلفزيوني لها في 21 من يوليو/تموز من العام 1960، أما تأخرها في ذلك فيعود إلى العدوان الثلاثي عليها في العام 1956، الذي تسبب في تأجيل العمل على إكمال مبنى التلفزيون في ماسبيرو، لتوجه كل الجهود إلى تعويض خسائر الحرب.

يعتبر مسلسل “هارب من الأيام” المدرسة الحقيقية التي تخرج فيها كتاب السيناريو في مصر والعالم العربي، حيث سيطر المسرح على الأعمال الفنية قبل ذلك.

المسلسل عُرض في العام 1962، وهو مأخوذ عن قصة قصيرة للأديب المصري ثروت أباظة تحمل نفس الاسم، نال عنها عند نشرها في 1958 جائزة الدولة التشجيعية للرواية.

وتتحدث القصة عن واقع القرية المصرية، وعلى رأسها شخصية العمدة الحاكمة المتسلطة، التي لا تعرف من الدين إلا قشوره، إذ يتخذ من نفوذه وسيلة لإخضاع الأهالي، إلى أن تتعرض القرية لعدة حوادث سرقة وتخريب.

واستطاع الكاتب الناشئ آنذاك فيصل ندا أن يحوّل القصة القصيرة إلى 30 حلقة مسلسلة، من إخراج نور الدمرداش، تعرض مرة في الأسبوع، وكانت من بطولة عدد من رواد الدراما التلفزيونية المتمردين على الأداء المسرحي المبالغ به وعلى رأسهم الممثل الراحل عبد الله غيث.

وأصبح المسلسل حديث الشارع المصري رغم أن اقتناء التلفزيون كان قاصراً على الطبقة المقتدرة في مصر بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952.

واستطاع “هارب من الأيام” أن يقرّب الناس من الجهاز الجديد، إذ تزايد اقتناؤه بشكل ملحوظ لمشاهدة هذا العمل بالذات، لدرجة أن الشوارع كانت تخلو من المارة وقت عرضه.

ولأن الظلم ومحاربته كانا محور العمل، قام بعض خصوم كاتب السيناريو الشاب بالربط بين أحداث المسلسل والظروف السياسية التي كانت تمر بها مصر آنذاك تحت حكم الرئيس جمال عبد الناصر، ليجد الكاتب نفسه بعدها مطلوباً في أمن الدولة.

وتم التحقيق معه بتهمة الإساءة إلى نظام الحكم في مصر، إذ اعتبروا شخصية كمال الذي يجسد شخصية الطبال المتصدي للعمدة، هي إسقاط على شخصية عبد الناصر، واتهموه بإسقاط الفساد على بطانة الرئيس والنخبة الحاكمة.

الجدير بالذكر أن كتابة النص الغنائي لمقدمة المسلسلات بدأ مع هذا العمل، إذ طلب الدمرداش من الشاعر عبد الرحمن الأبنودي أن يكتب نصاً شعرياً لمقدمة المسلسل فكتب:

يا شاب يا صغير يا ماشي السكة
الحزن ليه بكى عيون الضحكة
تضل.. وتلاقي مكان.. وتضل
عطشان لحتة شمس.. ندعة ظل
ويا شمس ياللي بتزرعي الأحلام

وبفضل هذا العمل، لُقب الممثل الراحل عبد الله غيث بسيد الدراما العربية، حيث تمكّن من لعب شخصيتين إحداهما أبله القرية، الذي يتحول إلى كمال الطبال متخفياً، واشترك معه في المسلسل ممثلون كبار منهم حسين رياض، وتوفيق الدقن، ومديحة سالم، وكمال ياسين.

الجدير بالذكر أن هذا المسلسل تحوّل إلى فيلم سينمائي بنفس العنوان، وقام ببطولته الراحل فريد شوقي.

 



loader
 
قـلوبنا معك غـزة