يعتبره من أحد أهم ما قدمه طوال مسيرته الفنية
ويل سميث: فيلم Concussion هو أرقى ما قدمته في السينما


النجم الأمريكي ويل سميث

في فيلمه الجديد «Concussion»، يجسد النجم الأمريكي ويل سميث دور الطبيب النيجيري، اومالو بينيت، الذي أكتشف أن مرض التهاب الدماغ المزمن الناتج عن ارتجاج المخ كان السبب وراء وفاة عدد من لاعبي كرة القدم الأمريكية، الذين يتعرضون لصدمات رأس تكراراً في المباريات.

ويكشف الفيلم عن تصدي الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية لبنيت باتهامة بتزوير الحقائق والتشكيك بمهنيته وحتى تهديده بالقتل. كما أن بينيت، الذي لم يمارس أو حتى يفهم الكرة الأمريكية، قوبل بالعدوانية من قبل زملائه من محبي اللعبة والتي تعتبر هي اللعبة الأكثر شعبية في الولايات المتحدة وتجذب الملايين من الأمريكيين لمشاهدة مبارياتها على شاشات التلفزيون كل يوم أحد.

ففي مشهد في الفيلم يصف مدير المستشفى لبينت أهمية اللعبة في أمريكا بقوله: «يوم الأحد كانت تملكه الكنيسة، أما الآن فهو ملك الدوري الوطني لكرة القدم».

وأثناء تواجد ويل سميث في فندق «بيفيرلي ويلشير» في «بيفيرلي هيلز» كان معه هذا الحوار للحديث عن هذا الفيلم يوم الأحد 17-1-2016م.

كيف كان شعورك أثناء تصوير الفيلم وأنت تقدم مثل هكذا دور وأنت نفسك على أرض الواقع متابع ومغرم برياضة الكرة القدم الأمريكية ؟

هذا صحيح فأنا معروف بأنني متابع ومغرم بشدة برياضة كرة القدم الأمريكية مثلي مثل الكثير من الأمريكيين، ولهذا عانيت كثيراً من صراع نفسي بداخلي في بعض المرات أثناء التصوير، لكن النص كان جيد جداً وكان من الصعب علي رفضه.

فلم تكن لدي الرغبة في البداية بأن أكون الشخص الذي يشارك في فيلم يصف كرة القدم الأمريكية بأنها مضرة على صحة الانسان، فأنا مشجع كبير في حياتي الحقيقية لتلك الرياضة، وابني نفسه لعب كرة قدم الأمريكية لمدة 4 أعوام، ولكن عندما قابلت مخرج الفيلم بيتر لاندسمان، الذي كان قد مارس مهنة الصحافة في حياته، قبل الدخول في عالم الأفلام وصنع فيلم «Parkland»، للحديث معي عن فكرة الفيلم الجديد الذي سيعمل فيه وما قدمه لي من الحقائق عن ضرر كرة القدم الأمريكية لدماغ لاعبيها، شعرت حينها كأب لولدين هما تيري (23 عاماً) وجيدن (17 عاماً) وإبنة هي ويلو (15 عاماً) بالمسؤولية عن كشف هذه المعلومات لغيري من الآباء الذين يحثون أبنائهم على ممارسة تلك اللعبة.

وماذا عن ممارسة ابنك لتلك اللعبة ؟

عندما كان إبني يمارس اللعبة كنت قلقاً عليه من اصابة في عموده الفقري أو كسر عظامه، ولكن لم تكن عندي أي فكرة عن أن صدمات الرأس التكرارية في كرة القدم الأمريكية قد تؤدي إلى ضرر دماغ.

كيف رأيت النص الذي عرض عليك في فيلم Concussion ؟

بالطبع من بعد اعجابي بالفكرة وعرفت عن مدى أهمية تقديمها للجمهور، كان الدافع الأول لي للمشاركة في هذا الفيلم هو النص الجيد جداً الذي عرض علي بالإضافة إلى انبهاري بشخصية الطبيب بينيت، الذي رغم تراكم العقبات أمامه والتهديدات التي تعرض لها، إلا أنه استمر في أبحاثه، التي مولها من حسابه الخاص، لكي يجد سبب انتحار لاعبي الكرة، الذين كانوا يعانون من اضطراب اكتئابي وحصر نفسي وفقدان الذاكرة، ولكن الفحوصات الطبية لم تظهر أي ضرر في أدمغتهم. لكن ابحاث بينيت، التي أجراها على جثث اللاعبين، كشفت أن أدمغة اللاعبين كانت تتسم بنسبة عالية من البروتينات، التي تتسرب من شرايين الدم بسبب صدمات الرأس المتكررة مما تؤدي إلى شل المخ، وهذه هي أعراض مرض إرتجاج الدماغ المزمن (CTE)، التي عادة يصاب بها رياضيون يمارسون الملاكمة والمصارعة وهوكي الجليد، والتي لا يمكن تشخيصها إلا بعد وفاة المريض واستئصال عينة من مخه لدراستها.

نتائج أبحاث بينيت تلك، صدمت الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية، التي شرعت بحملة معادية له من أجل سحق ما قدمه من معلومات.

هل يعني أنك تأثرت في قصة الطبيب النيجيري اومالو بينيت ؟

نعم تأثرت كثيراً بقصة هذا الشخص وشعرت أن علي أن أقدمها للعالم وأقدم المعلومات تلك عن الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية.

ما رأيك في الطبيب النيجيري اومالو بينيت ؟

أعتبرها شخصية نادرة من نوعها، إذ أنه بدأ تعليمه من خلال مدرسته الابتدائية وبعدها الاعدادية، والتحق بعد انتهائه من المرحلة الثانوية بكلية الطب في نيجيريا. ثم تخرج في مواضيع عدة منها: الجراحة، علم الأوبئة، علم الأمراض التشريحية والسريرية، الطب الشرعي، أمراض الأعصاب، الصحة العامة وماجستير في إدارة الأعمال. ولكن انجازاته الأكاديمية لم تعني شيئاً لمناهضيه الذين جعلوا من كونه مهاجراً أسود من نيجيريا وقوداً للتشكيك به وبأبحاثه، متهمين إياه بالتبجح والتطاول على لعبة أمريكا الشعبية. ففي أحد المشاهد يقول له زميله الأمريكي: «لا يمكن أن يثق بك أحد هنا، فأنت لست حتى أسود أمريكي»، ويرد بينيت بسذاجة: «ولكنني طبيب مؤهل».

هل يعني أن تم ممارسة العنصرية تجاه الطبيب النيجيري اومالو بينيت ؟

بلا شك واجه عنصرية كامنة في النظام، حيث الذين كانوا يتحدثون معه لم يعرفوا كيف يتعاملون معه، ويتساءلون كيف يمكن أن يكون نيجيريا وذكياً ؟!»، وهذه عنصرية ممزوجة بالاختلافات الطبقية، ولكنها هي أكثر مكراً هذه الأيام لأن الناس غير واعين بأفكارهم الانحيازية. هذه الانحيازية مرسخة إلى حد أنها أكثر مكراً من العنصرية.

الممثل الأمريكي سميث، ترعرع في ولاية فيلادلفيا، لم يحقق انجازات أكاديمية مثل بينيت رغم أن كان بامكانه أن يلتحق بمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا العريق عندما تخرج من مدرسته الثانوية بفضل علاقات أمه، التي كانت مسؤولة في حقل التربية والتعليم في ولاية فيلادلفيا. ولكنه كان يفضل الموسيقى على العلم، إذ أنه كوّن فرقة «هيب هوب» وانتج أغاني عدة ناجحة نقدياً وتجارياً، وفي عام 1988 حصل على جائزة «غرامي» في فئة الراب، ودخل بعدها عالم التمثيل في عام 1990، من خلال المسلسل التلفزيوني الأمريكي الكوميدي «The Fresh Prince Of Bel Air».

نجح المسلسل انذاك ومن هنا بدأ «سميث» مهنة التمثيل وقرر أن يصبح «أفضل ممثل أفلام في العالم» حسب تعبيره. وقام بدراسة خصائص نجاح شباك التذاكر أو «البوكس أوفس».

ليكون أول دور رئيسي لـ«سميث» من خلال الفيلم الدرامي «Six Degrees of Separation» في عام 1993.

ماذا تخبرنا عن أمك ؟

أمي كانت جدية جداً بالتركيز على التعليم، وعدم التحاقي بالجامعة والإنغماس في الموسيقى حطمها. ولكن أنا أشعر أن مهنتي هي المكان المثالي للثقافة إذ تسنح لي بالقيام بأشياء عظيمة مثل من خلال هذا الفيلم. ودراسة شخصيات وأفكار من خلال الفن والسينما هو أفضل سبيل للتعليم.

ماذا تفعل مع كل شخصية تعرض عليك لتقديمها من خلال فيلم ؟

أكرس وقتاً وجهداً في دراسة كل شخصية أنوي تجسيدها في خلال أفلامي السينمائية. وإن كنا سنتحدث عن الطبيب بينيت، فقد كنت أواظب على مشاهدة خمس عمليات تشريح جثث، وبعد ذلك راقبت بينيت في نيويورك كيف يؤدي ثلاث تشريحات جثث، لكي أقارن بين طريقة عمله بطريقة عمل غيره. لأنني أردت أن أكون طبيعياً بجانب جثة هامدة خلال تقديمي للدور، فلم أكن رأيت أي جثث من قبل، بالإضافة إنني في الواقع، أردت أن أصل إلى حالة إرتياح مع هذه العملية والتجربة لكي ارتبط ببينت روحانياً.

فقد عملت على أن أتقمص شخصيته حتى في طريقة كلامه وابتسامته وحركاته.

لدي قدرة على التعاطف مع الناس وهو ما حصل معي مؤخراً جراء بينيت، وهي ما تساهم في تقمصي لشخصيات حقيقية.

هل حزنت من خروجك من الترشيحات النهائية لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثل لعام 2015 ؟

قليلاً، فقد كنت أرغب أن أخوض غمار المنافسة على الأوسكار هذه المرة من خلال ما قدمته في شخصية «الطبيب النيجيري اومالو بينيت»، وبالأخص أنني ترشحت من قبل لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مرتين كانا عن دوري بتمثيل شخصيتين حقيقيتين هما الملاكم الشهير محمد علي في فيلم «Ali» عام (2001) وكريس غاردنير في «The Pursuit of Happyness» عام (2006).

كيف تتعاطف مع الناس الذين تصادفهم في حياتك ؟

عندما أقابل شخصاً ما في حياتي، أنا لا أدرك ما هو يفكر أو يشعر به وحسب، وإنما كنت دائما أحسه، فإذا كان شخصاً في مزاج سيئ أو أن شيئاً عظيماً حصل له، أحس بذلك.

وأنا لا أدري لماذا وأنا أسمي ذلك «حس رجل العنكبوت». وهذا ساعدني في عملي كممثل لأنني أعرف كيف أتفادى أموراً غير مريحة للناس وأعرف كيف أخفف الألم عنهم.

شخصية سميث، تتصف بالتواضع والمرح بالإضافة لاهتمامه بشؤون الآخرين ومساعدته بين الفترة والأخرى للمؤسسات والجمعيات الخيرية، ويعتبر من أحد أهم نجوم هوليوود وأكثرهم ربحاً في شباك التذاكر من خلال ما يقدمه من أفلام مختلفة، حسب مجلة «فوربس». منذ تقديمه لفيلمه الأول «Six Degrees of Separation» في عام 1993، 16 من 21 فيلماً، قام ببطولتها، حصد كل منها أكثر من 100 مليون دولار في شباك التذاكر العالمية، و 5 منها حققت أكثر من 500 مليون دولار. وفي عام 2014، وصل حصاد أفلامه في شباك التذاكر إلى 6.6 مليون دولار، فضلاً عن حيازته على 4 جوائز «غرامي» و 4 ترشيحات «غولدن غلوبز» وترشحين «أوسكار».

رغم كل هذه الإنجازات إلا أن النجم ابن الـ 47 عاماً من العمر يشعر بأن قدراته ما زالت قادرة على العطاء أكثر وأن هناك أشياء لم يصل إليها بعد، فهو راضي عن نفسه لكن يطمح بالأفضل والمزيد.

وعن هذا الخصوص

قال سميث: أنا أشعر أن تجربة النمو التي خضتها واستمرارية مواجهة حدودي كانت إيجابية جداً، وأنا لا اعتبر نفسي ذكياً، ولكن مكافحاً، وسأستمر في المحاولة حتى أنجح في فهم أمر أو تحقيق شيء جديد.

وهذا فعلا ما واجهه قبل أربعة أعوام عندما شعر بأنه وصل قمة سيرته المهنية بالطاقة والمعرفة والفهم، الذي كان يملكه في داخله ولم يعد بإمكانه أن يعلو عما حققه. ولهذا توقف عن العمل لمدة سنتين ليوسع آفاقه ويفهم نفسه، وفي تلك الفترة أدرك لماذا لا يمكن لشخصياته أن تكون أكثر عمقاً منه.

وأضاف: لقد أدركت أنه لا يمكنني أن أجسد دوراً أعجز عن فهمه، وأن المخرج لا يمكنه أن يساعدني في هذا الحال. وأن الطريقة الوحيدة لفهم الدور هي من خلال زوجتي وعائلتي وأصدقائي، وهذا ما يجعل هذه الأمور وأجزاء أخرى في الحياة أكثر عمقاً لأي شخصية أقدمها، فكل هذا يصبح منبع ابداعي وفني لأي ممثل أراد التطور والتجديد في مجاله. فمن خلال عملية معرفة نفسي وتعزيز روابطي، وجدت سبيل العودة إلى كيفية رفع مستواي الفني.

وختم النجم الأمريكي ويل سميث كلامه بالقول: بأن أداءه في فيلم «Concussion» يعتبر بالنسبة له هو أرقى ما قدمه في السينما، وهو واحد من بين أهم الأفلام في مسيرته الفنية.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة