الصوم لغةً : الإمساك




وشرعاً : الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، بنيَّة خالصة لله تبارك وتعالى



فرضيته :


فُرض في المدينة المنورة لليلتين خلتا من شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة المباركة، وذلك في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183


التهنئة بقدوم رمضان :


وهنا بشَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بفرضية الصيام ، منوِّهاً بفضائل رمضان ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : {أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ ، فِيهِ خَيْرٌ يُغَشِّيكُمُ اللَّهُ فِيهِ فَتَنْزِلُ الرَّحْمَةَ ، وَتُحَطُّ الْخَطَايَا وَيُسْتَجَابُ فِيهِ الدُّعَاءُ فَيَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِي بِكُمْ مَلائِكَتَهُ فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا فَإِنَّ الشَّقِيَّ مِنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل}[1]


لذلك نصَّ العلماء على استحباب التهنئة بالنعم الدينية إذا تجددت ، قال الحافظ العراقي الشافعي : {تستحب المبادرة لتبشير من تجدَّدت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه بلية ظاهرة}


وقال ابن حجر الهيثمي : {إنها مشروعة} ، ثم قال : {ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر ، والتعزية ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك رضى الله عنه في قصة توبته لمـَّا تخلَّف عن غزوة تبوك أنه لما بُشِّر بقبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قام إليه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فهنَّــأه}


وكذلك نقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة


ثبوت هلال رمضان :


يثبت دخول شهر رمضان : برؤية الهلال ، ولو برؤية الشخص الواحد له عند جمهور العلماء ، فإن تعذرت الرؤية أكمل المسلمون عدة شعبان ثلاثين يوماً


وأما هلال شهر شوال فيثبت : بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً ، ولا تقبل فيه شهادة العدل الواحد – عند جمهور العلماء – بل لا بد من أن يشهد على رؤيته إثنان معروفان بأمانتهما وبعدلهما


والإعتماد على الرؤية البصرية هو الأساس مع الإستئناس بالحساب الفلكي ، لإفادته القطع واليقين في مثل تلك الأمور المحسوسة ، فقد أخرج الشيخان (البخاري ومسلم) وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ}


وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة وهو قول للشافعية : إلى عدم اعتبار اختلاف المطالع في إثبات شهر رمضان ، فإذا ثبتت رؤية هلال رمضان في بلد لزم الصوم جميع المسلمين في جميع البلاد ، لقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث المذكور : {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ}


ويرى الشافعية في الأصح اعتبار إختلاف المطالع : أى أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ، ولا يلزمهم رؤية غيرهم ما داموا بعيدين عنهم ، ومن أدلتهم ما رواه مسلم والترمذي وأحمد عن كُرَيب مولى ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين : {أنَّ أُمَّ الفَضْلِ بِنْتَ الحَارِثِ بَعَثَتْهُ إلى مُعَاوِيَةَ بالشَّامِ ، قال : فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجتَها واستُهِل عَليَّ هِلاَلُ رَمَضَانَ وأنا بالشَّامِ فرأَيْنَا الهِلاَلَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ، ثمَّ قَدِمْتُ المَدِينَةَ في آخرِ الشهْرِ فَسَأَلَنِي ابنُ عبَّاسٍ ثُمَّ ذكَرَ الهِلاَلَ فقالَ متَى رأَيْتُمْ الهِلاَلَ؟ فقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ، فقال : أنْتَ رَأَيْتَهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ؟ فَقُلْتُ : رَآهُ النَّاسُ فَصَامُوا وصَام مُعَاويِةُ ، فقَالَ : لكنْ رأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فلا نَزَالُ نَصُوُمُ حتى نُكْمِلَ ثلاثينَ يَوْماً أو نَرَاهُ ، فَقُلْتُ ألا تَكْتَفِي بِرُؤيَةِ مُعَاوِيَةَ وصِيَامِهِ؟ قال: لا هكَذَا أَمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم}


{1} رواه ابن النجار عن ابن عمر والطبراني وابن النجار عن عبادة بن الصامت



loader
 
قـلوبنا معك غـزة