أقدم حيوان أليف عرفه العرب منذ فجر التاريخ، وهو من صناع الحضارات العظيمة، كانت تشارك الإنسان العربي حياته، فكانت تشارك في الحرب، وتحمل قوافل التجارة من بلد إلى آخر، وتزف عليها العرائس في هودجها الشهير، وتحرس حدود الدول وتشارك في مطاردة المهربين وسط الصحاري والجبال الوعرة، وإلى جانب هذه الفوائد المتعددة للإبل يستفاد من ألبانها وأوبارها ولحومها وجلودها.

آ وعندما جاء الإسلام لفت القرآن الكريم أنظار العرب إلى هذا المخلوق العجيب الذي يعرفونه جيدًا، فهو

رفيقهم في الأسفار والرحلات وقوافل التجارة، وهم أهل الإبل وأعرف الناس بها، فقال الله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} [الغاشية: 17].

آ تاريخ الإبل يرجع إلى ما قبل الميلاد بأكثر من ثمانية آلاف سنة، حيث وجد الجمل في شمال غرب أفريقيا، وكانت الجمال في نشأتها الأولى متوحشة، وبدأ ظهور النوع المتسأنس في جنوب الجزيرة العربية ومصر والصحراء الكبرى في فترة الحكم الروماني.

آ والجمل العربي أكبر الجمال حجمًا في العالم، وله سنام واحد، وهو أصبر على الجوع والعطش من غيره، ولا يكاد يعرف التعب إليه سبيلاً، فهو يسير 50 كيلومترًا دون توقف، ويمكنه حمل نحو 275كجم، ويستطيع السير بحمله الثقيل مدة 12 ساعة دون كلل، لذا يسمى سفينة الصحراء.

آ وهو حيوان طائع سهل المراس ويضرب به المثل في الصبر على تحمل العطش الشديد، يتميز الجمل العربي بصفات جسدية تمكنه من التكيف مع البيئة الصحراوية، يستطيع الجمل تحمل فقدان 40 في المائة من ماء جسمه، وهو لا يفرز إلا كمية قليلة من الملح بحيث يبقى مقداره في الدم ثابتًا. ويبلغ ارتفاعه حوالي مترين ويزن حوالي 600 كلغ بينما يبلغ طول رقبته وجسمه نحو 3 أمتار.

أوجه الإعجاز في خلقه:

آ 1 - خُفُّ الجمل الموجود في نهاية القدم مخلوق بصورة بديعة، حيث يتألف من أصبعين اثنتين لكل منهما ظفر مفلطح كبير، وتحتهما وسادة عريضة من جلد لحمي تُيَسِّر للجمل السير السهل على الأرض الصخرية الزلقة أو الرمال الموَّارة دون أن تغوص القدم فيها، والتي تتميز بها طبيعة الصحارى والجبال، خاصة وأن الجمال تحمل أوزانًا ثقيلة إلى جانب وزن جسمها الضخم، والوبر الموجود على الخف يساعد الجمل على تحمل حرارة الأرض الرملية، كما أن أخفاف البعير وثفناته كلها مواد عازلة للكهرباء تحميه من الصواعق الكهربائية التي تحدث بين السحب، وارتفاع الجمل يصل إلى نحو المترين من عند الكتفين، ويرجع ذلك إلى طول أرجلها التي تبعد جسمها عن سطح الأرض لتتقي حرارتها.

2 - وجه الجمل طويل بارز، وأنفه يشبه الشق، يفتحه الجمل ويغلقه حسب ظروفه، وهذا يساعده على منع دخول الرمال في أنفه عند أكله لطعام موجود على الرمال. كما أن شفة البعير العليا غليظة حساسة ومشقوقة إلى نصفين ليتمكن من تحريكهما ورفعهما إلى أعلى ليتحاشى أذى النباتات الشوكية عندما يتناولها فلا تلحق به ضررًا.

3 - وعينا الجمل تنفتحان بزاوية مائلة تغطيها رموش طويلة وتستقران داخل تجويف قوي، ولعينيه أجفان طويلة جدًا، وبهذه الصفات يستطيع الجمل مقاومة العواصف الرملية.

4 - الأنف ينفتح وينغلق متى شاء البعير، وفتحته محسوبة بمقدار، وهو عبارة عن مصفاة هواء من النوع الممتاز الدائم، كما أن في أنفه جهازًا عجيبًا يسمى جهاز التيار العكسي الذي يساعده على الاقتصاد الشديد في ضياع ماء البدن أثناء التنفس.

5 - أما سنام الجمل فهو مستودع ضخم للشحم يفيده وقت الحاجة، وهو كتلة من أنسجة دهنية ومياه مُستقلبة (متحولة) عن مواد أخرى، وبذلك يكون السنام مستودعًا للماء والغذاء معًا.

وقد زوده الخالق سبحانه بجهاز لتوليد الماء، حيث تتفكك الشحوم المتراكمة في سنام الجمل إلى محاصيل نهائية، من أهمها الهيدروجين الذي لا يلبث أن يتحد بالأوكسجين الآتي مع هواء التنفس فيؤلفان "الماء" الذي يحتاجه الجمل.

6 - رقبة الجمل الطويلة ليست عبئًا عليه، فهي تتحرك وتلتف في كل اتجاه بكل سهولة ويسر، وتساعد الجمل على الوصول إلى أغصان الشجر المرتفعة.

7 - الإبــل تـتـعايــــش مــــع ارتــفــاع أو انخفاض درجة الحرارة فلديها منظم بيولوجي للحرارة يساعدها في السيطرة على درجة الحرارة والبقاء على قيد الحياة رغم التذبذب الشديد في مستوى بلازما الدم، ويتحكم الجمل في درجة حرارة جسمه حسب ظروف الجو مما يمكنه من العيش في الصحراء وتحمل تقلبات الجو المختلفة.

8 - والجمل ليس له مرارة مما يساعده على تناول كميات كبيرة من الغذاء ولساعات طويلة، وهذه الخاصية تساعده على تكوين كميات كبيرة من احتياجات الشحوم والدهون.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة